يبدو أن أزمة شواغر المناصب القيادية في الدولة آخذة في التوسع، خصوصاً في المؤسسات الرقابية المعنية بالاقتصاد، وأخرى مسؤولة بتنظيم الوضع النقدي في البلاد، إضافة إلى جهات تختص بترتيب شؤون العمل وحقوق الإنسان.
وفي هذا الخصوص، عُلم أن هناك نحو 43 قيادياً يعملون في 5 مؤسسات حكومية رئيسية، بين من انتهت فترتهم خلال الفترة القريبة الماضية ومن ستشغر مناصبهم خلال الأشهر المقبلة لانتهاء مرسوم تعيينهم، دون أن يوازي ذلك أي مؤشرات على ملء هذه المقاعد بآخرين أو للتجديد لأعضائها، لتتسع مع ذلك دائرة المناصب الشاغرة في الجهات الحكومية إلى نحو 120 منصباً قيادياً.
فترة المجلس
وفي هذا الشأن، تشير البيانات إلى أن فترة مجلس إدارة الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة انتهت خلال الأيام الماضية، مع اثنين من نواب المدير العام للصندوق وهما نائب المدير العام لقطاع الخدمات المساندة، ونائب المدير العام لخدمات ريادة الأعمال، فيما لا يزال المدير العام للصندوق يعمل بالتكليف.
وخلال الشهر المقبل ستنتهي فترة مجلس إدارة بنك الكويت المركزي، بعد أن انتهت بأبريل الماضي فترة كل من نائب محافظ البنك المركزي، والمدير التنفيذي لقطاع الرقابة في البنك، وكلاهما غادر منصبه بالفعل، دون أن يُسكّن بدلهما حتى الآن.
ويرتقب انتهاء فترة مجلس مفوضي هيئة أسواق المال في سبتمبر المقبل، وهو الشهر نفسه الذي ستنتهي فيه فترة مجلس إدارة الديوان الوطني لحقوق الانسان، فيما يفترض انتهاء فترة مجلس إدارة الهيئة العامة للقوى العاملة خلال أكتوبر المقبل.
توسع الشواغر
ورأت مصادر مسؤولة أن التوسع في شواغر المناصب القيادية الحكومية، يعكس وضعاً عاماً تعيشه معظم مؤسسات وأجهزة الدولة وهو أمر غير صحي، لا سيما بعد ارتفاع عدد المناصب الشاغرة بشكل كبير، علماً بأن هناك ضرورة لتسكين هذه المناصب، بينما لا تزال مراكز قيادية تنفيذية في الوزارات والمؤسسات الحكومية شاغرة منذ فترة طويلة وتُدار بالإنابة، وفي مقدمتها وزارة المالية التي تُدار من قِبل وكيل وزارة و5 وكلاء مساعدين بالتكليف منذ نحو 32 شهراً.
ولا يخفى على أحد سلبيات هذه الشواغر، فهي تسهم في تراجع القدرة الحكومية الموزعة على المؤسسات والجهات المختلفة لمواجهة القرارات المستحقة التي تؤدي إلى دوران عجلة العمل، إذ سنكون أمام سيناريوهين اثنين، فإما أن يكون العمل مجمداً بسبب أن المكلف بالمنصب يخشى اتخاذ القرارات الرئيسية، وإما أن تصدر القرارات ارتجالية، خصوصاً عندما يوقر في قلب المكلف بالمنصب أنه باقٍ لمدة محدودة فقط، علماً أن وكلاء وزارات ومديرين في جهات عدة يعملون بالتكليف منذ فترة طويلة دون أن يحصلوا على ضمانة بتثبيتهم أو رحيلهم عن مقاعدهم المأمولة.
وبالطبع، هناك اعتبار مهم لا يمكن تجاهله في تزايد شواغر الجهات الحكومية من المناصب القيادية، وهو قصر أعمار الحكومات الأخيرة، حيث كان لاستقالة الحكومة 4 مرات في عامين دور إضافي في تغذية تباطؤ ملء المناصب القيادية، فيما أدت استقالة الحكومة أخيراً دوراً إضافياً في تأجيل تقديم الترشيحات المطلوبة من الوزراء المعنيين.
وفي المقابل يزيد تنامي أعداد شواغر القياديين في الوزارات والجهات الحكومية والهيئات المستقلة وتسجيله أرقاماً صعبة، المخاوف من استمرار تأخر وتيرة الأعمال في البلاد، خصوصاً أن الشاغرة مناصبهم والقريبين من ذلك يوزّعون على مناصب بين درجات وكيل وزارة ووكيل مساعد، إضافة إلى مسؤولين في مناصب إستراتيجية يُعوّل عليها الكثير.
ومن ضمن الشواغر القديمة أي التي مضى عليها فترة طويلة، مجلس إدارة جهاز حماية المنافسة، الذي انتهت فترته في أكتوبر 2021، وكذلك وكيل وزارة التجارة والصناعة، و3 وكلاء مساعدين بالوزارة يعملون بالتكليف، وكذلك يعمل مدير الهيئة العامة للصناعة وعضو مجلس إدارة بالهيئة العامة للاستثمار. ومع إضافة أعداد الوظائف الإشرافية التي تنتظر التسكين في الدوائر الحكومية المختلفة، فإن أزمة المناصب الشاغرة تتعمق أكثر مع زيادة أرقامها، إذ تُقدَّر الوظائف الإشرافية الشاغرة حسب بيانات أولية بالمئات، في وقت تزداد فيه تعقيدات المشهد المالي والغذائي والجيوسياسي، عالمياً ومحلياً.
إرسال تعليق