في خطوة لافتة تجمع بين الأدب الكلاسيكي والفن البصري الحديث، تشهد الساحة الثقافية المصرية مشروعاً جديداً لتحويل روايات الأديب العالمي نجيب محفوظ إلى قصص مصورة (كوميكس). هذا المشروع يهدف إلى إعادة تقديم أعمال محفوظ، الحائز على جائزة نوبل في الأدب عام 1988، بأسلوب بصري جذاب قادر على استقطاب الأجيال الجديدة التي تميل أكثر إلى الوسائط البصرية والوسائط التفاعلية.
الفكرة تقوم على تبسيط النصوص الروائية، مع الحفاظ على جوهر الأحداث والعمق الفلسفي والإنساني الذي يميز أدب محفوظ، ثم إعادة صياغتها في شكل لوحات مرسومة تجمع بين الدقة الفنية والخيال الإبداعي. وسيتم التعاون مع رسامي كوميكس محترفين، إلى جانب مختصين في الأدب، لضمان بقاء النصوص وفية لروح العمل الأصلي مع إضافة بعد بصري يثري التجربة.
من المتوقع أن تشمل الإصدارات روايات أيقونية مثل "الثلاثية" و**"اللص والكلاب"** و**"زقاق المدق"**، لتتيح لجمهور جديد التعرف على هذه الأعمال التي تناولت الحياة المصرية بعمق شديد، ورصدت تحولات المجتمع على مدى عقود. المشروع لا يقتصر على النشر الورقي، بل يمتد إلى النسخ الرقمية التفاعلية التي يمكن قراءتها عبر الهواتف والأجهزة اللوحية، ما يفتح المجال لانتشار عالمي أوسع.
هذه الخطوة قد تمثل جسراً بين جيل القراء التقليديين وعشاق الفنون البصرية الحديثة، وتعيد تسليط الضوء على إرث نجيب محفوظ، ليس فقط ككاتب روائي، بل كرمز ثقافي قادر على عبور الأزمنة والوسائط.
إلى جانب ذلك، يهدف المشروع إلى خلق حالة من الحوار بين الأجيال حول أعمال محفوظ، بحيث يتمكن القراء الشباب من اكتشاف القيم الاجتماعية والإنسانية التي تضمّنتها رواياته، ولكن في إطار بصري أكثر حيوية وسهولة في التلقي. فالكوميكس، بما يحمله من عناصر سردية مرئية، يتيح للقارئ التفاعل مع الشخصيات والأحداث بطريقة مباشرة، ويجعل النصوص الكلاسيكية أكثر قرباً من الإيقاع البصري السريع لعصرنا.
كما أن تحويل روايات محفوظ إلى كوميكس قد يفتح الباب أمام مشاريع تعليمية وثقافية جديدة، حيث يمكن إدراج هذه الأعمال في المناهج الدراسية كوسيلة جذابة لتعريف الطلاب بالأدب المصري الحديث دون أن يشعروا بثقل النصوص التقليدية. إضافةً إلى ذلك، يمكن أن تمهد هذه التجربة الطريق أمام اقتباسات مسرحية أو سينمائية أو حتى إنتاجات رسوم متحركة تستند إلى عالم محفوظ الأدبي.
ومن الناحية الثقافية، فإن هذا الدمج بين التراث الأدبي والفنون البصرية الحديثة يعكس قدرة الثقافة المصرية على التجدد ومواكبة التحولات العالمية، مع الحفاظ على هويتها. نجاح هذا المشروع قد يلهم مبادرات مشابهة لاقتباس أعمال أدباء عرب آخرين في قالب بصري مبتكر، ما يوسع دائرة انتشار الأدب العربي ويمنحه حياة جديدة في عيون القراء حول العالم.
إرسال تعليق