هذا الوضع مأساوي، وهناك الكثير من التقارير والشهادات التي تشير إلى أن الأنباء عن “تحول للإجراءات الدفاعية” من جانب الاحتلال لا تقنع الكثير من المراقبين، خصوصًا عندما يُقابلها ما تُعتبره المجازر والهجمات على المدنيين والمرافق المدنية. إليك تحليلاً مبنيًا على المصادر المتوفرة، مع الملاحظات القانونية والإنسانية:
ما تقوله التقارير
تقرير “منظمة حقوق الإنسان في بريطانيا” (AOHRUK) يقول إن الاحتلال استمر في شنّ غارات جوية وقصف مدفعي على مخيّمات نزوح، وملاجئ مدنية، وخيام للنازحين، ما أسفر عن مقتل عدد من المدنيين، بينهم أطفال ونساء.
منظمات مثل منظمة التعاون الإسلامي تُشير إلى وقوع ما تُسميه “مجازر جديدة” خلال الأيام الماضية في غزة، تضم قتل مدنيين بالإطلاق المباشر أو بشنّ هجمات على أماكن يُفترض أن تكون محصنة كملاجئ.
تقارير حقوقية (Human Rights Watch، منظمات أخرى) تتحدث عن استهداف مشافي، إخلاء المدنيين القريبين من المستشفيات دون توفير بدائل آمنة، أو استهداف لمرافق وبنايات مدنية.
أيضاً تقارير حول تقييد وصول المساعدات الإنسانية، ما يعتبره البعض “سلاحاً للضغط أو الإفقار” للمدنيين لتأمين بعض الأهداف العسكرية أو السياسية.
مدى مقبولية “الأفعال الدفاعية” كعنوان شامِل
القول إن الاحتلال يتحرّك من “منطلق دفاعي” هو من الأمور التي تُستخدم غالبًا لتبرير الهجمات، لكن هنالك عدّة نقاط تجعل هذه التبريرات محل نقاش:
التمييز بين المدنيين والمقاتلين / الأهداف العسكرية
القانون الدولي الإنساني يُلزم قوات الاحتلال بالتمييز – أي أن تميز بين المدنيين والمقاتلين، وبين الأهداف العسكرية والمواقع المدنية. إذا هُجمت منشآت مدنية بلا مبرر عسكري واضح، أو كانت المقاتلين يتخفّون فيها بطريقة تُلغي كل تقدير للضحايا المدنيين، فذلك يُعتبر خرقًا للقانون.التحذير والإخلاء
في كثير من الحالات، يتطلب القانون أن تعطي القوة المهاجمة تحذيراً مناسباً للمدنيين إذا كان ذلك ممكنًا، وتوفير فرص للخروج أو الإجلاء، أو الإغلاق الجزئي للهجوم إن أمكن، لتقليل الأذى المدني. التقارير تفيد بأنه في بعض الهجمات لم يُعطَ هذا التحذير أو أن المدنيين لم يُترك لهم مخرج آمن.القيود على استخدام القوة
حتى في العمليات الدفاعية، هناك قيود قانونية على حجم القوة المستخدمة، وعدم الاستخفاف بالأذى الجانبي (civilian collateral damage). أي ضرر مدني يجب أن يكون متناسبًا، بمعنى أن الميزة العسكرية المأمولة تفوق الأذى المتوقع.المسؤولية القانونية
إذا وجد أن الهجمات تشكّل نمطًا من الخروقات – مثل استهداف متكرر للمجمعات السكنية، أو منع وصول المساعدات، أو فرض الحصار، أو استهداف مستشفيات – فإنها قد تُصنف كمجموعة من الجرائم الدولية (جرائم حرب، جرائم ضد الإنسانية، وربما إغراق في شروط الجريمة الإنسانية الكبرى).
خلاصة أولية
من الصعب قبول أن ما يُمارَس الآن يمكن وصفه كله بأنه "إجراءات دفاعية" بمعناها القانوني والإنساني، بالنظر إلى حجم الأذى الذي يُلحق بالمدنيين والمرافق المدنية، ونسبة الهجمات التي لا تبدو أنها تستوفي المعايير القانونية للدفاع الشرعي (تمييز، إبلاغ، تجنّب الأذى المدني).
كثيرون يرون أن هناك نمطًا واضحًا من التجاوز، سواء من حيث استهداف المدنيين أو من حيث الضرر الذي لا تتناسب معه الأهداف العسكرية المعلنوّة أو المفترَضة.
أي نقاش موضوعي لا بد أن يأخذ بعين الاعتبار أن الأطراف المتورطة تتحمّل أيضًا مسؤولياتها القانونية؛ استخدام المدنيين كدروع، أو اتخاذ أماكن مدنية كمراكز عمليات عسكرية إن صح، يمكن أن يكون له أثر على كيفية تفسير الهجمات. لكن هذا لا يعتبر تبريرًا تلقائيًا لأي استهداف مدني أو تدمير منشأة معصومة.
إرسال تعليق