الحديث عن اعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال» عاد للواجهة ضمن موجة تسريبات وتحليلات سياسية، وغالبًا ما يُربط – في الخطاب العربي – بمخاوف أوسع تتعلق بـ خطط تهجير سكان غزة. لكن عند التفكيك الهادئ للملف، تظهر الصورة أكثر تعقيدًا وأقل مباشرة مما يُشاع.
أولًا: ما هو وضع «أرض الصومال»؟
«أرض الصومال» كيان أعلن انفصاله عن الصومال عام 1991،
يتمتع باستقرار نسبي ومؤسسات قائمة،
لكنه غير معترف به دوليًا، ولا من قبل الأمم المتحدة.
أي اعتراف به يُعد سابقة سياسية حساسة، خصوصًا في منطقة القرن الإفريقي.
ثانيًا: لماذا قد تهتم إسرائيل بـ«أرض الصومال»؟
التحليلات الأكثر تداولًا تشير إلى دوافع جيوسياسية وأمنية:
موقع استراتيجي قرب مضيق باب المندب وخطوط الملاحة الدولية،
تعزيز النفوذ الإسرائيلي في القرن الإفريقي في مواجهة:
إيران،
الجماعات المسلحة،
تمدد قوى إقليمية منافسة.
توسيع شبكة العلاقات مع كيانات غير معترف بها أو دول هامشية سياسيًا، كما حدث سابقًا في إفريقيا وآسيا.
هذه الأسباب، بحد ذاتها، لا ترتبط مباشرة بملف غزة.
ثالثًا: هل هناك صلة فعلية بتهجير سكان غزة؟
حتى الآن:
لا يوجد دليل موثق أو إعلان رسمي يربط بين:
الاعتراف الإسرائيلي المحتمل بـ«أرض الصومال»،
وأي خطة عملية لنقل أو توطين فلسطينيين من غزة هناك.
أي سيناريو من هذا النوع يصطدم بعقبات ضخمة:
رفض فلسطيني قاطع،
رفض صومالي (من الحكومة الفيدرالية في مقديشو تحديدًا)،
تعقيدات قانونية وإنسانية دولية،
كلفة سياسية وأمنية هائلة.
لماذا إذًا تنتشر هذه الفرضية؟
لأن فكرة التهجير مطروحة أصلًا في نقاشات إسرائيلية داخلية منذ حرب غزة،
ولأن أي تحرك إسرائيلي في مناطق فقيرة أو غير مستقرة يُقرأ عربيًا من زاوية “البدائل الجغرافية” للفلسطينيين،
إضافة إلى انعدام الثقة المتراكم في النوايا الإسرائيلية.
الخلاصة
الربط بين الاعتراف بـ«أرض الصومال» وتهجير سكان غزة هو، حتى اللحظة، تحليل سياسي افتراضي لا يستند إلى وقائع مؤكدة.
الدوافع الإسرائيلية – إن وُجد الاعتراف أصلًا – تبدو استراتيجية إقليمية أكثر منها جزءًا من مخطط تهجير عملي.
مع ذلك، تبقى المخاوف مفهومة في ظل السياق العام للحرب، لكنها لا ترقى إلى مستوى الخطة المعلنة أو القابلة للتنفيذ.

إرسال تعليق